عاشت أسرة الحسون في بريدة قديماً في محلة السادة وذلك قبل تفرقهم بعد مقتل جدهم الجامع وبعض ابناءه في عام ١٢٣٣هـ على يدي الباشا أثناء حملته للقضاء على الدولة السعودية الأولى وتحديداً في عهد أمير القصيم حجيلان بن حمد آل أبوعليان رحمه الله. ويعود نسب أسرة الحسون في بريدة والقصيم كافة إلى آل أبوعليان حكام القصيم سابقاً ومؤسسي مدينة بريدة وامراؤها لثلاث قرون. ويعود نسب آل أبوعليان إلى العناقر وواحدهم عنقري من بني سعد من قبيلة بني تميم[1][2][3][4][5][6][7][8].
تقع السادة في الجنوب الشرقي من بريدة القديمة وتحديداً في المركز الاستيطاني الأول لأهالي بريدة والذي يتميز بوجود مجرى مائي (شعيب) صغير يخترق الخب من الشمال إلى الجنوب وينقسم هذا المجرى إلى فرعين أحدهما إلى الخبيب (شارع الخبيب القديم) وينتهي في الصباخ والفرع الآخر يتجه لمكان جفر الحمد وينتهي برمال السادة التي تسد هذا المجرى، ومن هذا السد جاءت تسمية حي السادة الكبير والذي يعتبر اليوم أحد أعرق أحياء مدينة بريدة. ولا يعرف تاريخ محدد لنشأة عمران السادة ولكن من المرجح نشأته قبل عام ١٢٠٠ للهجرة إذ كانت في القرن الثالث عشر مزارع نخيل عامرة يملكها عدد من أسر آل أبوعليان (الحسون، الدخيل، القعير، الرعيجاني، العبود وغيرهم من بعض أسر آل أبوعليان).
مقصورة السادة هي قلعة تاريخية في الجنوب الشرقي عن مدينة بريدة القديمة ومكانها حالياً في الطريق النازل من جنوب مصلى العيد إلى طريق الملك عبدالعزيز، وكانت تعرف قديماً بمقصورة السادة، وقد عين موقعها واخذ وصفها الباحث إبراهيم بن صالح العبيد عن عدد من الذين رأوها وخبروها، فهي عبارة عن حصن مصمت ليس له نوافذ عدا فتحات للرماية، مكونة من طابقين وفي جوفها حجرات ولها باب واحد في جهتها الشرقي، وهي تقريباً مربعة الأضلاع ويبلغ قدر ضلعها نحو ١٠ امتار وارتفاعها نحو ٦ أمتار، وقد تحدث الشهود عن احكام بناءها وعرض جدارها وقال له احدهم انه عدد في سقف بابها ١٦ خشبه، وقد ظلت هذه القلعة صامدة حتى حدود عام ١٣٨٥هجري، حيث تم هدمها وطمسها عن الوجود، وقد اخبره احد الذين شهدوا هدمها بأنها قاومت آلة الهدم ولم يتمكنوا منها إلا بصعوبة[9].
كانت مقصورة السادة وهي أحد حصون آل أبو عليان الهامة في بريدة ويشكل رؤسائها من أبناء الحسون خط دفاع قوي ضد الحملات التي هاجمت بريدة (حملة دجين بن عريعر، حملة سعدون بن عريعر، حملة ثويني العراق، حملة أحمد طوسون، حملة باشا الأتراك، حملة حسين بيك). وقد تأكد لي خبر مقتل جدنا وبعض ابناءه رحمهم الله على يد الباشا بعد مناوشات بالبنادق وقصف عنيف لمقصورة السادة التي كانوا يتحصنون بها. فقد حدثني الشيخ محمد بن عبدالله بن محمد بن حسن الحسون عميد أسرة الحسون في بريدة وهو يروي عن والده الوجيه والوكيل على أملاك بريدة واشهر أعيانها في ذلك الوقت الشيخ عبدالله بن محمد بن حسن الحسون رحمه الله الذي أفنى حياته لرفعة شأن بريدة فقدمه أهالي بريدة لما عرف عنه من العدل والانصاف والحمية الوطنية والغيرة على مصالح بريدة ليكون الوكيل والمحامي عن أهالي بريدة للحفاظ على أراضيها ومصالحها ومخاصمة من يعتدي عليها، وكذلك أكد لي الدكتور إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالعزيز الحسون الممثل الثاني في مجلس أسرة الحسون في بريدة وكان يروي عن والده وهو بعمر المئة تقريباً الآن، وكذلك العميد حسون بن صالح بن عبدالله بن محمد بن حسن الحسون وعدد من أبناء العمومة حفظهم الله.
وكذلك تواترت الأخبار والروايات التاريخية المحلية والأجنبية حول قصف إبراهيم باشا لمقصورة السادة ومقتل عدة رجال بها بعد مقاومة ومناوشات بالبنادق حدثت بين أبناء الحسون وجيش الباشا. فقد ذكر الأديب موسى النقيدان في كتابه مسافات في ذاكرة رجل من بريدة: ((ان مراسلات الغازي إبراهيم باشا إلى والده محمد علي باشا الذي زحف إلى نجد للقضاء على الدولة السعودية الأولى تقول ان كل بلدات القصيم استسلمت بلا قتال ماعدا السادة التي واجهنا بها مقاومة، وعائلة الحسون امراؤها ويرجعون إلى بني تميم وهم أقرباء راشد الدريبي آل أبو عليان، هذا العناد والإصرار من عائلة الحسون تشاهده واضحا عليهم في قوة بأسهم واصرارهم الشديد))[10].
وذكر ابن عبيد في التذكرة: ((إن في السادة نخيل وبساتين، وفي هذا الموضع آثار حصن عظيم قد ضاد ثويني وإبراهيم باشا وكان ذلك الحصن عظيم الحيطان حيث يبلغ مسطح الحائط ثلاثة أمتار ولاتزال بقيته موجودة حتى الآن)) [11].
وسبق ان نشر الدكتور صالح بن سليمان الوشمي مقالة في مجلة الفيصل وهي أكثر من قيمة ورائعة عن مدينة بريدةواسوارها وقلاعها يقول فيها:((واما البرج الثالث فيقع جنوب شرقي البلد بما يسمى ب(حارة السادة) حالياً، وهو كبير وجيد التحصين، ولعله من بقايا سور الأمير راشد الدريبي)) [12].
وكذلك تحدث العبودي عن مقصورة السادة في كتابه معجم القصيم وقال:((من اخبار السادة التي تدل على عظيم تدين أهل السادة وشجاعتهم. قالوا: عندما انتهى إبراهيم باشا في زحفه على نجد، واراد الرحيل عن بريدة وسار بطليعة قومه في طريقه إلى الدرعية فمر من السادة وكانت لهم مقصورة قد تحصنوا فيه، فأخذوا يسبونه ويرمونه ببنادقهم، ويقولون نحن لا نسأل عن قوتك، فعندنا خمسون مصبوبة، أي رصاصة قد صبت في قالبها صباً لحشو البندقية، ثم اخذوا يرمونه ببنادقهم. فسأل إبراهيم باشا عما يقولون فأخبروه فانتظر حتى لحق به صاحب المدفع، وقال له: علي الآن بسقف القلعة فرماه فسقط بمن فيه فذهب وتركهم)) [13].
وقد نقل الباحث إبراهيم بن صالح العبيد في مقطع فيديو متداول عن عدد من الرواة: ((ان جيش إبراهيم باشا في عام ١٢٣٣هجري وفي عهد الأمير حجيلان بن حمد قام بقصف قلعة السادة في أثناء مسيره وزحفه نحو الدرعية، وعن قصة متداولة على اختلاف في تفاصيلها، انما حصيلة قصفه انه قتل فيها بضعة رجال)) [14].
وقد تحدث العبودي كذلك في كتابه معجم أسر بريدة عن قصف قلعة السادة: (( انه بعد اتفاق إبراهيم باشا و الأمير حجيلان وبعد مروره بقرية السادة التي كانت منفصلة عن بريدة في ذلك التاريخ وكان عليها مقصورة قد تحصن ستة من أهلها الرماة فيه، فناوشوا إبراهيم باشا، فهدم البرج بالمدفع وقتل أولئك الستة ومعروفين بأسمائهم واخر من سمعت يذكر بعضهم علي بن محمد الحسون الذي ذكر ان احد اجداده كان منهم))[15]. وعلي المحمد الحسون الذي يروي عنه العبودي هو عم والدي وله قدر ومكانة رفيعة عند أهالي بريدة وقد اشتهر بالطب الشعبي في الجردة وهو كذلك من رجال العقيلات المعروفين رحمه الله.
وقد ذكر فيلكس مانجان العامل في بلاط باشا الأتراك الذي ينقل عن الضباط الذين شاركوا في قصف بريدة ويقول: (بدأت بالمسير نحو بريدة التي كان قائدها حجيلان بن حمد من المشهود لهم بالشجاعة واستطاع ان يصمد في وجه سعدون ابن عريعر ثم انه لما وصل ابراهيم باشا إلى بريدة، بادر مباشرة إلى تنظيم جيشه، وهاجم المدينة بقصف مدفعي عنيف، وأمطرها بوابل من القذائف، واستولى على إحدى قلاعها، ورمى اعناق حاميتها المؤلفة من ٢٠٠ رجل، واستسلمت بعد قصف مدفعي استمر ٣ أيام)[16].
وفي دارة الملك عبد العزيز هناك مجموعة من الوثائق العثمانية من بينها وثيقة برقم ٥/١-٢٠٣ من محمد علي باشا إلى السلطان بتاريخ ١٢٣٣هـ، تذكر انه في غرة محرم عام ١٢٣٣هـ وصل باشا الأتراك بقواته إلى بريدة واقتحمها وضيق على أهلها بالقذائف ورصاص البنادق مدة يوم وليلة، وبعد أن قتل من أهلها ستين رجلاً طلبوا الأمان فوافق بعد أن اخذ منهم ثلاثة مدافع كانت لديهم بالإضافة إلى عتادها، كما احتجز ابن أميرها حجيلان بن حمد[17].
ومن أجداد الحسون في بريدة محمد بن حسن بن حسون رحمه الله الذي اشتهر بالشجاعة والفروسية وكان يلقب بمزوى لإنه يزوي أعداءه في الحرب، ويتغلب عليهم. فقد اشتهرت عنه عدة حوادث دونها الباحثين منها حادثة حدثت بعهد إمارة المهنا وهي تدل على شجاعته وفروسيته وقد نقلها السعران في كتابه القصيم عبر التاريخ أن جماعة من أهل بريدة وهم محمد الدخيل وابنه علي، وناصر الخويلدي، وحمد المبار؛، ومحمد المبارك، وعلي وحجيلان المد الله، ورشدان الهتيمي، ورجل يدعى ناشي، وخلال تأديتهم لصلاة الظهر، هاجمهم مجموعة من اللصوص يقدر عددهم ١٤ مسلحاً ثم أشهر اللصوص سيوفهم وسكاكينهم في وجوه الجماعة المصلين ثم نهبوا ابلهم بعد ماقتلوا رشدان وجرح منهم اثنين، وكادوا يفقدون الأمل في استرجاع ابلهم او انهم فقدوه فعلاً ولكن الأمل بالله أعظم حيث انبرى فارساً يقال له محمد بن حسون الملقب بمزوى، فاعتلى صهوة جواده وانطلق كالصاعقة على آثارهم، فادركهم وهاجمهم من الخلف وشطرهم نصفين، واخذ يعمل سيفه في رقابهم ويكر عليهم، فقتل بعضهم وهرب الباقين، واستطاع ابن حسون ان يعيد الأبل المنهوبة إلى أصحابها [18] [19].
وقد اشتهرت حادثة أخرى عن الجد مزوى محمد بن حسن بن حسون نقلها ناصر بن سليمان العمري في إمارة محمد المهنا على بريدة وذلك بعد عودته إلى بيته من معركة الصباخ. فلما وصل وجد في انتظاره ثلاثة رجال وكل واحد من هؤلاء الثلاثة معه أمر مكتوب من إمارة المهنا. فورقة بها خمسون صاعاً شعيراً لخيل شيخ من مشايخ البادية فقام بتسليم الشعير لمن بيده الورقة. وورقة بها أمر بإعداد طعام لشيخ قبيلة أخرى فأظهر ارتياحه بمضايفة شيخ القبيلة. ولكن رجلاً معه ورقة بها أمر بإعطاء بندق وخمسين رصاصة لأحد خوياء الإمارة فقال محمد بن حسون نحن الآن في الليل وفي الصباح تأتي إلي واذهب معك إلى السوق واشتري لك البندق والرصاص فقال الخوي لو ضربت رأسك بهذا السيف خرجت لي البندق والرصاص. فغضب محمد بن حسون وأشهد على الرجل ثم ضربه ضرباً مؤلماً فذهب المضروب إلى الإمارة مشتكياً فأخضرت الإمارة محمد بن حسون وعاتبته وناقشته فأحضر الشهود وقال أنا أحارب بنفسي ثم أكلف بدفع مالي للحرب وأنا لست غنياً ومع ذلك تحملت لكن الرجل يهددني بضرب رأسي بالسيف. فلو تركته يضربني بالسيف قتلني وهذا سبب ضربي له[20].
ومن مشاهير الأسرة كذلك وهم كثر والدي المعلم والمربي الفاضل عبدالله إبراهيم الحسون رحمه الله كما يصفه المؤلف الأستاذ عبدالله زايد الطويان رحمه الله في كتابه أيسر الدلائل لبعض أنساب أسر القصيم وحائل[21]. ولد رحمه الله عام ١٣٤٩هـ الموافق ١٩٣٠م في مدينة بريدة بمنطقة القصيم. ودرس المرحلة الابتدائية في مدينة بريدة ثم التحق بالمعهد العلمي فيها وتخرج منه في العام ١٣٦٧ هـ وأثناء عمله مديراً للتعليم الأهلي بالرياض بين عامي ٩١-٩٥ هـ التحق منتسباً في كلية اللغة العربية في جامعة الامام بالرياض. كان من رجالات التعليم الأوائل الذين خدموا التعليم في المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله.
تحدث عنه صديقه الوفي والوجيه في كتابه حب الحصيد الشيخ محمد بن عثمان البشر رحمه الله أحد أشهر أعيان بريدة وهو من أحفاد المؤرخ الشهير عثمان ابن بشر صاحب كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد يقول: ((عبدالله إبراهيم الحسون من أوائل الزملاء، ومن أوفى الأصدقاء، باشرت أنا وإياه العمل التدريس في وقت واحد عام ١٣٨٦هـ حيث وجه رحمه الله مدرساً بمدرسة المذنب مرافقاً للشيخ عبدالله المشعلي الذي قام بافتتاح أول مدرسة في المذنب وإدارتها. ثم جمعتنا مدارس بريدة. خلفني على إدارة مدرسة الفيصلية عام ١٣٧٩هـ حين انتقالي إلى المتوسطة الثانوية، وحين فصلت المرحلة المتوسطة عن الثانوية عام ١٣٨٥هـ تولى إدارة المدرسة المتوسطة في بريدة. عمل مساعداً لمدير عام تعليم البنات بالمنطقة الشرقية ثم مديراً للتعليم الأهلي بالرئاسة العامة لتعليم البنات. كان مثال الصابر المحتسب. في آخر شعبان ١٤٢٩هـ زرته أنا والشيخ عبدالله بن سليمان الربدي زميل وصديق الجميع كان يحمد الله ويشكره أن مكنه من شهود صلوات الجماعة، كان الصديق والرفيق في مرحلة العمر، شاركنا في تعقب مشاريع مدينة بريدة، وكان وجوده في الرياض معيناً ومساعداً، بيته في الرياض بيت الجميع لا يرضى إلا أن نحل عنده دائماً. من مؤسسي جمعية البر الخيرية في بريدة يساعد في توفير الدعم لها أعتبره من الأمثلة الحية للمسلم الصابر المحتسب. وقد وفقه الله فوهبه أبناءً صالحين بررة برزوا في تعلمهم وفي أعمالهم))[22].
كان رحمه الله محباً للعلم والثقافة والتعليم ويعشق القراءة والكتابة، فكان عضواً في النادي الأدبي في القصيم ومشرفاً على مكتب صحيفة القصيم في بريدة لسنوات. وكما انه كان كاتباً في صحيفة القصيم وكتب بعض المقالات القيمة وتم نشرها في صحيفة القصيم واذكر ما نشر منها في العدد الثامن من تاريخ ٢٠-٠٧-١٣٧٩ من الهجرة يطالب فيه لجنة الاستيراد باسم الأهالي ان تجعل مدينة بريدة وهي من كبريات المدن الرئيسية في نجد والا تكون من المنسيات. ذكر الشيخ محمد البشر والدي رحمهما الله جميعاً عند حديثه عن جريدة القصيم وقال: ((ان اي كاتب أو مؤرخ أو متحدث عن منطقة القصيم ومدينة بريدة لابد أن يتطرق إلى حدث هام له قيمته وهو صدور صحيفة القصيم من بريدة وكان ذلك أملاً حياً يراود أبناء بريدة بصدور صحيفة باسم منطقتهم تكون لسان حالهم، والمعبر عنهم وعن وطنهم. وقد اختمرت الفكرة عند عدد من المتعلمين والمثقفين. وكان ذلك قبل قيام نادي القصيم الأدبي عام ١٤٠٠هـ. وقد نفذ الفكرة الأخوة في الرياض حيث سارع الشيخ/ عبدالله علي الصانع إلى أخذ امتياز وإذن بصدورها………حتى قال وكنت أنا والأستاذ عبدالله الحسون مشرفين على مكتبها في بريدة))[23]. وفي موضع آخر ذكر قصة مقتل الملك فيصل رحمه الله في عام ١٣٩٥هـ وسفره إلى الرياض للصلاة عليه، فلم يتمكن من الوصول إلى جامع الرياض فبقوا في منزل والدي رحمه الله[24].
وقد تحدث المؤلف والأديب إبراهيم المسلم في كتابه القصيم والتطور الحضاري عن الشباب الذين ساهموا في مشاركة صادقة في تقدم بلادهم نحو الأفضل، وكانوا لا يقصدون مناصب، أو جاه، وانما خدمات جليلة يقدمونها دون مقابل وذكر منهم والدي عبدالله إبراهيم الحسون رحمه الله[25].
كان الوالد رحمه الله رجلاً اجتماعياً ويهتم لأمر مدينة بريدة كثيراً، فتم ترشيحه ليصبح عضواً في مجلس أهالي بريدة، فكان مع وجهاء مدينة بريدة ولا يدع مناسبة أو زيارة للمسئولين أو مساعي لتطوير بريدة إلا ويشارك بها، وكما أن له مساهمات في حفلات بريدة ومناسباتهم الدورية ومشاركات في اجتماعات المناطق وغيرها. تم تكريمه من أمير القصيم كعضو بارز في جمعية البر ببريدة بمناسبة مرور ٤٠ سنة على إنشائها حيث كان من المؤسسين لها رحمه الله وكما تم تكريمه من قبل وزارة التعليم عند الاحتفال بمرور ٧٠ سنة على افتتاح المدرسة الفيصلية ببريدة وتم تدوين نبذة عن سيرته في كتاب الفيصلية تاريخ ورجال[26]. وسطر أيضاً رحمه الله خلال مسيرة حياته موقفاً شجاعاً حكيماً حيث كان من أوائل المطالبين بافتتاح اول مدرسة بنات في بريدة ومن اشد المؤيدين لتعليم المرأة حيث واجه مع زملائه المقربين حملة مناهضة لتعليم المرأة في ذلك الوقت وتعامل معها بكل عقلانية وصبر رحمه الله حيث كان بعض الناس في ذلك الوقت يرون ان تعليم المرأة يؤدي إلى فساد الدين والمجتمع. ولوالدي الفضل بعد الله سبحانه في حب ذريته وذرية ذريته التعليم والتعلم وحب القراءة والمطالعة وتحصيل أعلى الشهادات، حيث كان رحمه الله شديد الحرص على متابعتنا وعدم تغيبنا عن المدرسة، وكان هو ملهمنا الحقيقي، قد رزقه الله أربعة عشر رجلًا واثنا عشرا امرأة، تعلم جميعهم وتخرجوا وذريته وذرية ذريته اليوم نهجوا على خطاه في حب العلم والتعليم وبالسعي للحصول على أعلى الشهادات والمراتب.
كان الوالد رحمه الله رجلاً قيادياً في أسرته وإدارياً ناجحاً في عمله. قد كتب بعد وفاته الأديب د.حسن بن فهد الهويمل مقالاً في صحيفة الجزيرة بعنوان عبدالله الحسون والذكر الجميل قال فيه: ((الموت اليقين هو وحده الذي لا نرقبه، بل نَفِرُّ منه، وإشكاليته أنه يلاقي ولا يلحق، والمؤمل أن تَفُوتَ اللاحق، ولكن الملاقي لا يدع لك فرصة الخلوص، وكل الأعزاء وذوو الفضل نفاجأ بموتهم، وكأننا لم نرقبه، وكلما قضى منهم من نحبه، أقبل بعضنا على بعض يتلاومون، كيف مات؟ وكان بالإمكان أن نراه وأن نزوره، وأن نجلس معه، نواسيه أو نأسوه أو نتوجع، هكذا كنت عندما علمت بموت أستاذي الأستاذ عبدالله بن إبراهيم الحسون، الذي كادت تنقطع أخباره لولا لقاءات عابرة أقبّل فيها رأسه ثم أمضي لشأني، لقد هاتفني زملاء الدراسة الابتدائية لتبادل التعازي بأستاذ عرفناه قبل ثلاث وخمسين سنة، وعرفنا فيه الجدَّ والإخلاص والمتابعة، والفقيد الذي لحق بكوكبة من معلمينا يتمتع بأخلاقيات فاضلة، يتجدد معها ذكره كلما تطاول عليها الزمن ومن ذا الذي يتنكر أو يُنكر أفضال معلميه، وفي الآثار: (من علّمني حرفاً صرت له عبداً) ورجل مثل الفقيد الفذ علّمنا أكثر من حرف، فلقد كان قدوة في قوَّته وانتظامه ومتابعته وجدِّه واجتهاده، وحمله همّ التربية قبل التعليم، عرفته أول ما عرفته يوم أن دخل علينا الفصل في عنفوان شبابه عام 1372هـ أي قبل سبع وخمسين سنة، وكنت يومها طالباً في السنة الرابعة الابتدائية في المدرسة العزيزية ببريدة لتدريس المطالعة، وكنت يومها لا أجيد القراءة. لقد انخرط في سلك التعليم عام 1368هـ حين عيِّن مدرساً ابتدائياً بمحافظة (المذنب) وبرزت مواهبه الإدارية الملفتة للنظر حين تولَّى إدارة المدرسة الفيصلية (ببريدة) عام 1379هـ وإدارة المدرسة المتوسطة (ببريدة) عام 1385هـ، ولما كانت طموحاته أكبر من ذلك شدَّ الرحال إلى المنطقة الشرقية ليكون مساعداً لمدير تعليم البنات، فمديراً للتعليم الأهلي بالرئاسة العامة لتعليم البنات، ولم أكن على تواصل معه أثناء تنقلاته القيادية إلا حين يعود إلى مراتع صباه ويلتقي بزملائه وطلابه، ولا سيما أنه كان من الشباب الواعي الذي يسعى في حاجات بلاده، ومشاريعها، وفي كهولته ترك الأعمال الحكومية وانخرط في سلك رجال الأعمال، وتعددت اهتماماته وتوسعت مسؤولياته، وكلما لقيته رأيت فيه العبد الصابر الذاكر المحتسب، حتى وافاه أجله يوم الأحد لأربعة عشر يوماً خلون من رمضان المبارك من العام ١٤٢٩هـ، ففقدنا بفقده أستاذاً ناصحاً ومواطناً مخلصاً أسهم في عدة مجالات إنسانية واجتماعية. لقد حدثني عمّا أجهله عنه أستاذي محمد بن عثمان البشر زميله ورفيق دربه أمد الله في عمره، وحديث مثله عنه يوحي بالفراغ الذي تركه، رحمه الله رحمةً واسعة وجعل في عقبه الخلف الصالح الذي يسد المكان الذي سده))[27].
كتبه د. عبدالرحمن بن عبدالله الحسون آل أبو عليان العنقري التميمي
[1] جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد، حمد الجاسر، دار اليمامة، الرياض، ط 3 ، 1421 هـ / 2001 م.
[2] كنز الأنساب ومجمع الآداب، حمد بن ابراهيم الحقيل.
[3] أيسر الدلائل لبعض أنساب أسر القصيم وحائل، عبدالله بن زايد الطويان.
[4] معجم أسر بني تميم في الحديث والقديم، حمد بن ناصر آل وهيب.
[5] الدليل إلى معرفة الأسر التميمية، ماجد بن ابراهيم السنيدي.
[6] اسر تحضرت في الجزيرة العربية، عبدالكريم بن حمد الحقيل.
[7] معجم أنساب الأسر المتحضرة في القصيم، سليمان بن علي السعران.
[8] مشجرة بني تميم، ناصر بن عبدالله البكر.
[9] موقع ووصف قلعة السادة التاريخية في بريدة، الباحث إبراهيم بن صالح العبيد، مقطع فيديو متداول منشور على اليوتيوب.
[10] مسافات في ذاكرة رجل من بريدة، موسى النقيدان.
[11] تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان، إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن.
[12] مجلة الفيصل العدد ٥٠ عام ١٤٠١هـ بعنوان بريدة بلد الرمال والخضرة والماء.
[13] معجم بلاد القصيم، العبودي، رسم السادة، ص١١٢٥.
[14] موقع ووصف قلعة السادة التاريخية في بريدة، الباحث إبراهيم بن صالح العبيد، مقطع فيديو متداول منشور على اليوتيوب.
[15] معجم اسر بريدة، العبودي، رسم آل أبو عليان، الجزء الأول، ص١٧١.
[16] تاريخ الدولة السعودية الأولى وحملات محمد علي على الجزيرة العربية، من كتاب تاريخ مصر في عهد محمد علي، عرض الحوادث التاريخية والعسكرية منذ جلاء الفرنسيين حتى عام ١٨٢٣مـ، الصفحة ١٤٨، تأليف فيلكس مانجان، ترجمه وعلق عليه أ.د محمد خير محمود البقاعي.
[17] كتاب شامل عن منطقة الرياض من ضمن مشروعات البحوث التي انجزتها الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة بعنوان منطقة الرياض، دراسة تاريخية وجغرافية واجتماعية، الجزء الثالث، ص ١٨٦، وأسندت أمر متابعة تنفيذ هذا الكتاب هيئة تحرير من أساتذة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الأستاذ الدكتورعبدالله بن ناصر الوليعي- رئيساً للتحرير مع ستة من الأعضاء الآخرين.
[18] القصيم عبر التاريخ، سليمان السعران.
[19] من شعراء بريدة، سليمان النقيدان.
[20] ملامح عربية، ناصر بن سليمان العمري.
[21] أيسر الدلائل لبعض أنساب أسر القصيم وحائل، عبدالله زايد الطويان.
[22] حب الحصيد ذكريات ومقتطفات، الشيخ محمد عثمان البشر، الجزء الثاني، ص١٤٤٨.
[23] حب الحصيد ذكريات ومقتطفات، الشيخ محمد عثمان البشر، الجزء الثاني، ص١١٧٠.
[24] حب الحصيد ذكريات ومقتطفات، الشيخ محمد عثمان البشر، الجزء الأول، ص٣٤٩.
[25] القصيم والتطور الحضاري، إبراهيم المسلم ص١٣٢ -١٣٤.
[26] الفيصلية ببريدة تاريخ ورجال، ص٥٣، ص٥٧.
[27] عبدالله الحسون والذكر الجميل، د. حسن بن فهد الهويمل، صحيفة الجزيرة، العدد ١٣١٧٤، يوم الخميس ٢٤ شوال، ١٤٢٩هـ.