قلعة آل أبو عليَّان الشاهقة والمهيبة وفي وسطها قصر الحكم في بريدة بنيت بالحجارة والطين. انبهر من حجمها الرحالة والمستشرقين ووثقها عدد من المؤرخين العرب، وتعتبر علامة فارقة ومميزة لمدينة بريدة، وتقع في الشمال الشرقي من المدينة في الجردة، ويمكن مشاهدتها بارزة فوق مرتفع رملي من مسافات بعيدة، وعلى كل زاوية من زاوياها مقصورة على شكل برج لأكثر من طابق، والمطل من مقاصيرها يرى مناظر جميلة ورائعة من تلال الصحراء وتموج رمالها. وقد صمدت هذه القلعة مع سور الأمير حجيلان الذي لم يكن له نظير عند إنشائه في أي بلد من بلدان نجد أمام حصار وحملات الغزاة على بريدة. وقد تم تفجير أجزاء من هذه القلعة والقصر في عام ١٢٩٢هـ بعدما تحصن بها آل آبو عليان بعد مقتل مهنا في محاولة منهم لإسترداد إمارتهم المسلوبة.
لقيت قلعة بريدة اهتماماً كبيراً من الرحالة الغربيين الذين زاروا مدينة بريدة، ويعتبر الإنجليزي ويليام بلجريف من أوائل الرحالة الأوروبيين الذين عبروا وسط الجزيرة العربية من الشمال إلى الجنوب، وقد وصل إلى بريدة في عام ١٢٨٠هـ تقريباً والذي يوافق بداية حكم مهنا الصالح. وقد وصف قلعة بريدة وتعجب من ضخامتها، وذكر ان مهنا كان يعيش في القلعة القديمة، والتي بنيت في عهد حكم آل أبو عليان، وتقع شمال شرق المدينة في الجردة، وهنا ننقل بعض من كلامه الذي ذكره عن القلعة في كتابه قصة عام من الرحلات عبر وسط الجزيرة العربية وشرقها: ((ان مهنا كان يعيش في القلعة القديمة بالركن الشمالي الشرقي من المدينة، والقلعة تشغل مساحة كبيرة، ويبدو انها عبارة عن مجموعة من المنازل الخارجية، بعض أجزاء هذه القلعة كان قديماً، بمعنى ان عمره كان يتراوح بين أربعمائة وخمسمائة عام، من باب التقدير، المواد التي شيدت منها القلعة تشهد على قدمها النسبي، فالأحجار قديمة ومنها المشكل ومنها الخام، وتبدو القلعة هائلة الحجم ومهيبة، والمبنى الرئيسي في القلعة قوي، ويستطيع ان يصمد للحصار العربي ويقاومه، وارتفاعه لا يزيد عن خمس وثلاثين قدم)).
وكذلك وصف الرحالة الإنجليزي الشهير تشارلز داوتي قلعة آل أبوعليان وصفاً دقيقاً وكان معجباً بها ومنبهراً من ضخامتها بعدما زار بريدة في عهد حسن بن مهنا وتجول في قلعة وقصر بريدة في عام ١٢٩٥هـ ولم يذكر ان لمهنا او ابنه قصراً او قلعة في بريدة ولكنه قال في كتابه ترحال في صحراء الجزيرة العربية: ((ان قصر حجيلان هذا، بناه عبد الله ولد عبد العزيز، وهما من أمراء بريدة، وقد قتل عبد الله على يدي مهنا عندما اغتصب الحكم)). ثم يكمل داوتي وصفه لقصر حجيلان في موضع آخر ويقول: ((وتجولت في أنحاء ذلك القصر الحزين، الذي يمكن مقارنته بالقصر الموجود في حائل، من منطلق ان كل منهما واحد من المقرات الملكية او الأميرية إن صح التعبير، وفناء القصر الواسع مثل سوق من الأسواق، يتصل برمال النفود، داخل هذا القصر، عثرت على صالة للقهوة ارتفاعها يقترب من ارتفاع منزل طابق واحد، من فوق بعض الشرفات، وهذا يشبه الصالات الإنجليزية القديمة من هذه الناحية بالذات، كما ان تلك الشرفات منظمة تنظيماً جيداً، الجدران المصنوعة من اللبن المخلوط بالرمل كانت مزينة بحليات من الجبس. هذا القصر كما يبدو قد أكل عليه الزمن وشرب والذي يقع في وسط الجزيرة العربية، بني في أيام أجدادنا، اعجبتني الأعمال الجبسية التي تجيئ على جدران تلك الصالة وذلك القصر الذي بني من الطين، ومزينة في كل مناحيها وغير محدوده أيضاً. ان هذه الأعمال الجبسية تجيئ بمثابة صورة لما يدور في اذهان هؤلاء الحرفيين حول الطبيعة. بدت لي عمارة ذلك القصر المبني من الصلصال غريبة وعجيبة تماماً. الزينات الحوافية التي يصنعها أولئك البناءون هي ذلك الذي نطلق عليه نحن اسم سن سمك القرش، فهو عبارة عن سلسلة من العقود العمياء مستديرة الرؤوس، ويجري تدويرها أيضاً كي تسمح بدخول الضوء إلى السور الخارجي، ويجري طلاء هذه العقود بالمغرة الخضراء والحمراء. وربما ذلك الشخص الذي بنى قصر حجيلان واحد من المعلمين البغداديين وهذا مانستخلصه من بعض البنايات المهمة، وهذا المبى قديم ولكنه ليس من الأطلال أو الخرائب، وهنا قال لي محمود وهو من بلدة معان هذه القلعة بنيت في زمنه، بواسطة البدو! سألت وأنا مندهش تماماً، هل البدو ماهرين في البناء، فقال لي محمود لا ولكنهم أحضروا معلماً من دمشق، الذي جعلهم يجلبون أفضل الأحجار، وبالطريقة التي علمهم إياها ذلك المعلم راحوا يبنون البنايات التي من هذا القبيل، في تلك القلعة البدوية شاهدت الكثير من المزاغل والعقود، إضافة إلى أن المبنى كان كله مبنياً بالأحجار)).
وقد التقط المصور والمستكشف البريطاني جون فيلبي صورة شهيرة لقلعة بريدة عند زيارته لبريدة في سنة ١٣٣٦هـ، وهي من أجمل الصور التي التقطت لقلعة بريدة، ووصفها بقلعة بريدة العظيمة من الداخل والخارج وقال: ((تنتصب في موقع مشرف بين البوابتين الشرقيتين، وهي عبارة عن مربع ضلعة مئة ياردة تبرز نحو الغرب من السور نحو فضاء كبير شبه دائري حيث ترى بقايا أساسات البيوت القديمة التي تدل ان الحكام السابقين قد احتفظوا بميدان رماية مكشوف حول المقر الرسمي. هذه المساحة المفتوحة والمباني المحيطة مباشرة بحافتها شبه الدائرية تشكل ما يسمى حي الجردة)). وذكر فيلبي في موضع آخر: ((انه بعد الاستماع لروايات مختلفة عن الموضوع توصلت إلى نتيجة ان قلعة آل أبو عليَّان الأصلية لحكام بريدة والتي تعرف باسم قصر حجيلان والتي سكن فيها داوتي يومين قد شكلت جزءً من التوسعة اللاحقة المعروفة باسم قصر مهنا ونواة للقصر الكبير، والقصر جرى توسعته كثيراً على يد ابن رشيد، وكما كان يخضع لكثير من التحسينات الإنشائية وإعادة الترتيب في زيارتي)).
ومن الذين وصفوا قلعة بريدة ورسمها بيده هو الرحالة والمستكشف الدنماركي باركلي رونكيير، والذي زار بريدة في عام ١٣٣٠هـ وتحدث عنها في كتابه عبر الأراضي الوهابية على ظهر جمل: ((على بعد بضع كيلومترات وخلف سلسلة من التلال ترتفع جدران بلون الرمال تتخللها مجموعة من الأبراج، وخلف الجدران تقوم منازل ذات أحجام مختلفة وقلعة ضخمة مشيدة من نفس طين المنازل وبها عدة ابراج وفتحات في الجدران للمراقبة، ظهرت كذلك مزارع النخيل وسمعنا صوت سواني المياه تنوح باستسلام وصبر. انها بريدة مركز التجارة، صرت الآن استعجل السير كي أرى ان كانت مازالت كما قال عنها داوتي ام تغيرت. عبرنا إلى ممر ضيق يمر قرب مبنى القلعة الضخم الموحش، ووصلنا إلى باب خشبي كبير)).
وممن تحدث أيضاً عن قلعة بريدة المهندس الأمريكي كارل توتشل وقال: ((ان بيوت الحاكم في بريدة رحبة وفسيحة ومريحة، ومبنية بشكل جذاب ضمن استحكامات قلعة المدينة، وترى قلعة شاهقة رابضة في شمال شرق المدينة ولها سور علوه ٤٠ قدماً، يرجع عهده إلى ٦٠٠ سنة، وبرج قطره حوالي ٥٠ قدماً، وإذا ما علوته اتجه بصرك إلى مناظر جميلة ورائعة من تلال الصحراء وتموج رمالها، وعلى الأخص عندما تطل الشمس على هذه الصحراء الفسيحة في الصباح المبكر، مشرقة بسامة مداعبة)). وكذلك وصل المستكشف البريطاني وليام هنري ارفيان شكسبير إلى بريدة في عام ١٣٣٢هـ والتقط صور جميلة لبريدة من الجهة الشمالية، وفي احدها يستطيع المشاهد للصورة ان يرى قلعة بريدة الشاهقة وهي بارزة من مسافة بعيدة وهي نفس القلعة التي تحدث عنها وزارها بلجريف وداوتي وفيلبي ورونكير.
لم يكن الحديث عن بريدة وقلعتها مقتصراً على الرحالة الأجانب، بل تحدث عنها العديد من المؤرخين والأدباء العرب. فقد أشار الحافظ محمد الكربلائي إلى قلعة بريدة وكذلك أشار إلى عدل وشهامة وخيرية الأمير حجيلان بن حمد والأمن الذي يعيش فيه القصيم تحت حكمه في كتابه تذكرة الطريق في مصائب حجاج بيت الله العتيق ودون مذكرات يومية لرحلة حاج في شبه الجزيرة العربية سنة ١٢٣٠هـ وقال: (( أقام الحجاج خيامهم خارج القلعة، وكانت أرض بريدة رملية، وكانت تحيط بها كثبان الرمل أيضاً، وكان الماء فيه شيء من الملوحة ولكن القمح فيها على غاية الجودة، وكانت تحتوي من التمر بأنواعه الكثيرة، وكانت تحتوي على الكثير من الثمار، ولا شيء يعدل الأمن هنا، وكان حكم الأمير نافذاً على الجميع، ولا يمكن لأحد ان يتخلف عنه. بل إن الأمن الموجود هنا لا يوجد حتى في الهند وبلاد العجم ولا في الروم ولا في العرب، وهذا ماتفقت عليه كلمة الجميع، وقد حل كبار الحجاج ضيوفاً على أمير هذه المنطقة)).
وكذلك ذكر العلامة الشهير وموسوعة التاريخ والأنساب ابراهيم ابن عيسى في مجموعه المعروف بالكناش وهو بخط يده: ((ان آل أبو عليَّان دخلوا القصر الذي في الجردة، المعروف اليوم بقصر الشيوخ، وهو اذ ذاك محوط بالبناء وفي وسطه دار وذلك قبل ان يبنيه حسن هذا البناء)). وذكر كذلك العالم والمؤرخ والنسابة عبدالله ابن محمد البسام في كتابه تحفة المشتاق: ((ان آل أبو عليَّان دخلوا القصر المعروف في الجردة، وهو محوط بالبناء، وهو القصر المعروف اليوم بقصر حسن المهنا لأنه احكم بناءه بعد ذلك)). يعطينا نص ابن عيسى السابق وكذلك نص ابن بسام دلالة واضحة وصريحة على ان القصر المحوط في البناء يقع في الجردة وقد تأسس في عهد آل أبو عليان وانه لم يكن يعرف سابقاً او بالأمس بقصر المهنا، وان حسن بن مهنا احكم بناءه لاحقاً ولم يؤسسه او يبنيه. وهذا النص أيضاً يتفق مع ماذكره ابن عبيد في التذكرة في حوادث سنة ١٢٩٧هـ: ((ان حسن بن مهنا شرع في إصلاح قصر الحكم في بريدة)). ويتفق مع ماذكره الدكتور حسن الهويمل في كتابه بريدة: (( كلمة إصلاح أكثر دقه من تأسيس وذلك ان ابن مهنا أصلح قصر الحكم في بريدة ووسعه وجوده ولم يؤسسه)). وكذلك من الدلائل الصحيحة والصريحة ان حسن بن مهنا أصلح قصر بريدة ولم يؤسسه ماذكره الشيخ العلامة عبدالرحمن بن صالح البسام في تاريخه عند ذكره لهوامش وقعة المليداء: (( ومحمد بن رشيد هو الذي يقدم المدفوعات والهدايا في تزويج أبناء حسن، وهو الذي أمده بالسلاح، وهو الذي أصلح له قصر الإمارة في بريدة وغير ذلك)). وكذلك ماذكره الأستاذ عبداللطيف الوهيبي مؤسس متحف العقيلات في كتابه العقيلات: ((أن الأمير حجيلان بن حمد هو من أسس قصر بريدة وحدثت عدة تطويرات من بعده سمي بعد ذلك بقصر مهنا)). وجميع النصوص السابقة تتفق أيضاً مع ماذكره الرحالة الأجانب الذين زاروا بريدة والمؤرخين العرب الذين سنستعرض حديثهم ووصفهم لقلعة بريدة وتاريخها في هذا المقال.
وقد تحدث الشيخ حافظ وهبه عام ١٣٤٥هـ عن بريدة وقلعتها بحديث جميل في كتابه جزيرة العرب في القرن العشرين والذي يقول فيه: ((ان عدد قرى القصيم نحو ٥٠ قرية واغلبها تعتمد على بريدة، ولذلك تسمى بأم القصيم، وبريدة من أكبر المدن النجدية وأحسنها نظاماً ونظافة، وطرقها أوسع من الرياض، وهي محاطة بسور يحمي البيوت والأسواق، وبساتينها خارج السور، والقلعة الرئيسية تقع شمال شرق البلدة، وارتفاع الجدار ٤٠ قدما، وبنيت بناء هندسياً جميلاً قبل ٦٠٠ سنة ويسمونها القصر أيضاً، يسكن بها الأمير العاهل ويسكن بها الملك عبد العزيز وقت إقامته ببريدة)).
وكذلك تحدث الدكتور صالح بن سليمان الوشمي بكلام مفصل ورائع عن قلعة بريدة في مجلة الفيصل العدد ٥٠ في عام ١٤٠١هـ وقال: ((إن من اهم القلاع وأشهرها في بريدة (قصر الإمارة) القديم وقد بني بالحجارة والطين، ويحتل كل زاوية منه مقصورة على شكل برج لأكثر من طابق، ومساحته واسعة تبلغ (٢٠٠ X ١٥٠) تقريباً. وقد وزعت من الداخل على أروقة وغرف تناسب الشكل الخاص بالقلاع في ذلك الوقت، وفيها بئر ماء، ولها بوابة رئيسية متجهة إلى الجنوب أمام ساحة الجردة، وقد أدركنا هذه القلعة ولم تهدم إلا من عهد قريب، وقد استوعبت هذه القلعة في بداية العهد السعودي اغلب الدوائر الحكومية التي اوجدت في ذلك الوقت كالإمارة والمالية، والجوازات، والسجن، كما يقيم فيها الحاكم الإداري للمنطقة، ويستقبل ضيوفه، وفيها مقر رجال الإمارة سابقاً، وهي بناء حصين محكم)).
وذكر أمين الريحاني في كتابه ملوك العرب انه نزل في هذه القلعة وأنها: (( قصر كبير ذو أبراج متعددة، وأفنية رحبة، وقلاع للدفاع واحدة تلو الأخرى. وفيه بيوت للضيافة وماء ومسجد، وليس فيه في عهد السلطان العادل الملك عبدالعزيز، غير حامية صغيرة، لا يتجاوز عددها المئة جندي)).
وذكر الأستاذ عمر كحالة في كتابه شبه جزيرة العرب: (( بريدة من أكبر المدن النجدية وأحسنها نظاماً ونظافة وطرقها أوسع من طرق أكثر البلدان النجدية وبساتينها كثيرة تقع خارج السور ويقع سوقها الرئيسي في الجهة الجنوبية من البلدة وبه نحو ٣٥٠ حانوتاً. وبالشمال الشرقي من البلدة تقع القلعة الرئيسية، ويبلغ ارتفاع جدارها ٤٠ قدماً، ويسمونها القصر أيضاً)).
وتحدث كذلك والمؤلف الدكتور حسن بن فهد الهويمل عن قصر بريدة في كتابه بريدة وقال: ((هناك قصر مشهور تحطمت تحت أسواره آمال عريضة ومطامع طامحة، وزهقت تحت حصونه أنفس شجاعة، كان هذا القصر قديماً قدم بريدة وكان يسمى (القلعة) وربما كان قلعة فقط للإشراف لأنه يقع فوق تل من الرمل، والمطل من مقاصيره يرى مسافات بعيدة من كل الجهات وبعد اشتداد الخوف تحول إلى قلعة ومسكن للأمير، وقيل إن راشد الدريبي كان ينام فيه ليلاً ولانعرف إذا كان المقصود راشد الأول ام الثاني، ولا استبعد ان يكون الأخير راشد بن حمود بن عبدالله بن راشد العنقري التميمي)). وقال الهويمل أيضاً: ((ان ابن مهنا أصلح قصر الحكم في بريدة ووسعه وجوده ولم يؤسسه)).
وتحدث كذلك الدكتور عبدالرحمن زكي في مقالة له بعنوان جولة في القلاع التاريخية في الجزيرة العربية ونشرت في مجلة قافلة الزيت عام ١٣٧٧هـ وقال فيها: (( إذا وصلنا إلى بريدة وجدنا مقر الحاكم يجذب انظارنا، وهو يشغل القلعة القديمة تلك التي تعبر عن أجمل عمائر المدينة مع مساجدها العتيقة، وتربض القلعة فوق مرتفع في الشمال الشرقي من المدينة وتحتوي على أربعة طوابق ترتفع جدرانها نحو أربعين قدماً، والمعروف ان بناء قلعة بريدة يرجع إلى ستمائة عام)).
وتحدث إبراهيم بن عبدالعزيز المعارك في كتابه بريدة وقال: (( قصر الحكم في بريدة هو مقر إمارة القصيم وبيت المال ويعود تأسيسه إلى عهد الأمير راشد الدريبي آل أبو عليَّان رحمه الله عام ٩٨٥ هـ والأمير حجيلان بن حمد آل أبو عليَّان رحمه الله في عام ١١٩٦هـ، تم هدمه في عام ١٣٧٨هـ ضمن توسعة ميدان بريدة الرئيسي الجردة)).
وذكر إبراهيم المسلم في كتابه القصيم والتطور الحضاري: ((قصر بريدة ومقر إمارة القصيم أول من بناه راشد الدريبي ثم قام بإصلاحه حفيده في عام ١١٥٤ هـ ثم قام بترميمه مع سور المدينة الأمير حجيلان بن حمد في عام ١٢٣٤ هـ ثم جدد بناءه حسن المهنا، وظل مقر لأمراء القصيم وكان الملك عبد العزيز يقيم به اثناء زيارته للقصيم)).
وقال أيضاً الاستاذ مصطفى مراد الدباغ في كتابه الجزيرة العربية موطن العرب ومهد الإسلام: ((ان في بريدة قلعة شاهقة تربض فوق مرتفع في الشمال الشرقي من المدينة ويرجع بنائها إلى أكثر من ٦٠٠ عام وإذا صعد الزائر إلى قمة برجها العالي شاهد منظراً ممتعاً للصحراء وما ورائها والتي تحيط بالمدينة)).
يتوهم البعض خطأً أن دار الأمير حجيلان بن حمد رحمه الله والتي تقع جنوب الجامع الكبير في بريدة والتي آلت فيما بعد إلى أسرة الجلاجل أنها هي قلعة آل أبو عليَّان العظيمة والتي يتوسطها قصر الحكم ببريدة (قصر حجيلان) والذي يقع في الجردة شمال شرق بريدة القديمة منذ زمن إمارة آل أبو عليان. وهناك وثيقة هبة لزوجة الأمير حجيلان لولوة بنت عرفج تنص على دار حجيلان بن حمد. وكذلك ذكر العبودي في معجم أسر بريدة عند حديثه عن أسرة الجلاجل وقال: ((ان عبدالله بن جلاجل تزوج بنتاً لحجيلان بن حمد اسمها فاطمة، ولهذا السبب صاروا يسكنون بيت حجيلان ولا أدري أهم يسكنون بيت حجيلان لكونه وقفاً او ملكاً، وبيت الجلاجل الذي هو كان بيت حجيلان بن حمد قد ذهب في الشارع الذي يقع إلى الجنوب من جامع بريدة الحالي وكان ذلك السوق متصلاً بالمقصب الذي هو الآن سوق الذهب)).
الخلاصة: من السابق يتضح ان المؤرخين العرب والرحالة الأجانب يتحدثون بإعجاب وانبهار عن قلعة قديمة جداً ومهيبة وضخمة وهائلة الحجم، وقد بنيت مع القصر الذي يتوسطها في زمن آل أبو عليًان، وتقع فوق تل من الرمل في الشمال الشرقي من المدينة في الجردة، وعلى كل زاوية من زاوياها مقصورة شاهقة على شكل برج لأكثر من طابق، ولها بوابة رئيسية متجهة إلى الجنوب أمام ساحة الجردة، والقلعة تشغل مساحة كبيرة ومحصنة بإحكام، ويمكن مشاهدتها بارزة من بعيد، وبداخلها قصر الحكم في بريدة ويقيم بها حاكم القصيم وتحوي مباني وغرف أخرى ومسجد وبئر ماء وغيره. وقد تم تفجير أجزاء من هذه القلعة والقصر في عام ١٢٩٢هـ بعدما تحصن بها آل آبو عليان بعدما قتلوا مهنا في محاولة منهم لإسترداد إمارة أجدادهم المسلوبة، ثم تم إصلاحها وترميمها في عهد ابن مهنا سنة ١٢٩٧هـ، ثم تم توسعتها في عهد ابن رشيد، ثم تم إضافة بعض التحسينات الإنشائية وإعادة الترتيب في عهد الملك عبدالعزيز، ثم تم هدمها في عام ١٣٧٨هـ ضمن توسعة ميدان بريدة الرئيسي الجردة.
كتبه د. عبدالرحمن عبدالله الحسون آل أبو عليان