أسس آل أبو عليان بلدتهم بريدة من الصفر ومن بئر ماء، وحرصوا كل الحرص على تنميتها وتشميخها وعزها ونهضتها في كل المجالات، وحماية أهلها من كل متربص بها، فاستطاعوا بنجاح منقطع النظير ان يجعلوا منها عاصمة القصيم والعقيلات وعاصمة التجارة والزراعة وان تتفوق على كل البلدات النجدية في عهدهم. فقد ذكر الرحالة جون بوركهارت في كتابه ترحال في الجزيرة العربية: ((نجد معناها الأرض المرتفعة وداخل هذه المساحة يوجد مايزيد على ست وعشرين بلدة أو قرية صغيرة مأهولة تماماً بالسكان، الذين يعيشيون في مناطق زراعية، يجري ريها من أبار عدة، والمدينة الرئيسية هنا هي بريدة، التي يقيم فيها شيخ القصيم، ذلك الرجل كبير السن الذي يسمونه حجيلان)).
وقد اتفق المؤرخون والباحثون على أن راشد الدريبي قدم إلى بريدة في القرن العاشر الهجري وهو التاريخ الذي يرون انه بداية تاريخ نشأة وإعمار بريدة، وعشرات المصادر التاريخية المتواترة والمستفيضة تؤكد هذه الحقيقة ومن اشهرها ماذكره الشيخ صالح ابن عيسى في مجموعه بخط يده: ((ان بريدة في الأصل كانت ماءً لآل هذال من شيوخ عنزة، فاشتراه منهم الدريبي رئيس آل أبو عليان من العناقر من بني سعد بن زيد مناة بن تميم فعمرها وسكنها هو ومن معه من عشيرته تقريباً)).
وكذلك ماذكره أيضاً ابن عيسى في كتابه عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث: ((وكان مهنا قد تغلب على البلد واستمال أعيانها وكثر أعوانه، وكان صاحب ثروة ومال، فقام على آل أبي عليان وأجلى من البلد كل من يخافه منهم ويخشى شرهم، فساروا إلى بلد عنيزة وأقامو بها، وآل أبي عليان من العناقر من بني سعد بن زيد مناة بن تميم خرجوا من بلد ثرمداء في الحروب التي وقعت بين العناقر في ثرمداء وبلد مرات لطلب الرئاسة، وسكنوا ضرية ورئيسهم إذ ذاك راشد الدريبي، وكانت بريدة إذ ذاك ماء لآل هذال المعروفين من شيوخ عنزه، فاشتراها منهم راشد المذكور وعمرها وسكنها ومن معه من عشيرته وذلك سنة ٩٨٥هـ تقريباً٬ وراشد المذكور هو جد حمود بن عبد الله بن راشد الدريبي المذكور في تواريخ نجد سنة ١١٥٥هـ، وحمود هذا هو أبو راشد بن حمود بن عبد الله بن راشد الدريبي)).
وماذكره الشيخ مقبل الذكير في تاريخه: ((انه وفي أواسط القرن العاشر تأسست بلدة بريدة بعدما اشترى بئرها راشد الدريبي العنقري التميمي ثم عمرها ثم سكنها هو وذريته وبنو عمه وبقيت الإمارة بيدهم لما يقارب ٣ قرون ثم تأسست قرى وازداد عمرانها ثم أصبحت إقليماً (القصيم) يرجع حكمه إلى صاحب بريدة)).
وكذلك ماذكره ابن عبيد في التذكرة في حوادث سنة ١٢٩٢هـ: ((أن بريدة كانت بئر ماء لآل هذال، فاشتراه منهم راشد العنقري التميمي من آل عليان، ثم عمرها وسكنها ومن معه من عشيرته. ولم تزل الرئاسة لهم في بريدة لأنهم الذين أسسوها وهم أصحاب الحق الشرعي فيها إلى أن غلبهم عليها مهنا الصالح وأجلا رؤساءهم منها إلى عنيزة، فأفضى هذا الأمر إلى قتله)).
وماذكره مؤرخ آل سعود الشهير سعود بن هذلول آل سعود رحمه الله أمير منطقة القصيم سابقاً في كتابه ملوك آل سعود: ((آل أبو عليَّان هم أمراء بريدة السابقون من قبيلة بني سعد بن زيد من تميم وفي أسرة العناقر الموجودين الآن في ثرمداء، فقد سبق ان خرجوا منها ونزلوا ضرية ورئيسهم حينذاك راشد الدريبي، وكانت بريدة حينذاك ماء لآل هذال فاشتراها منهم راشد الدريبي المذكور وعمرها وسكنها سنة ٩٨٥ هـ، وبقيت الإمارة بيدهم حتى سنة ١٢٩٠هـ)).
وماذكره العلامة والبلداني الشهير محمد ابن بليهد في كتابه صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار: ((بريدة بلد واسعة، وجميع القصيم يعد من ملحقاتها، وهي أكبر من عنيزة في موضعها وإمارتها وملحقاتها، فالذي اكتشفها الدريبي من اهل ثرمداء من العناقر، اكتشفها في النصف الأخير من القرن العاشر تقريباً، وبقايا ذريته آل أبي عليَّان الذين لهم ذكر في تاريخ بريدة، وهم رؤساؤها وامراؤها، ومن مشاهير آل أبي عليَّان الأمير حجيلان، والأمير الشاعر محمد العلي العرفج، والأمير عبد العزيز المحمد)).
وماذكره الرحالة الشهير تشارلز داوتي الذي زار بريدة في عام ١٨٧٩م الموافق لـ ١٢٩٦هـ: ((تأسست بريدة من ثلاثة إلى أربعة قرون مضت وأهلها معروف أنهم من قبيلة بني تميم، وعددهم لا يزيد عن خمسة ألاف نسمة، والقصمان من النوع الحريص والمغامرين أيضاً وفيهم الكثير من دم قبيلة بني تميم وثلثهم ممن يعملون في قوافل التجارة العقيلات والكثير منهم يعملون خارج بلادهم وهم في ريعان الشباب بحثاً عن الثراء)).
وماذكره الشيخ ابراهيم ابن عبيد في كتابه التذكرة: ((وعاصمة القصيم هي بريدة، وهذه المدينة كانت في الماضي ماء لآل هذال فاشتراها منهم راشد الدريبي العنقري سنة ٩٨٥هـ ثم عمرها وسكنها وعشيرته ومن معهم وكان الدريبي من أهل ثرمداء)).
وماذكره المؤرخ الأستاذ الدكتور عبدالله الصالح العثيمين رحمه الله في في كتابه تاريخ المملكة العربية السعودية وفي الهامش على كتاب لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبدالوهاب للشيخ حسن الريكي: ((ينتمي حجيلان إلى أسرة كريمة من تميم، وهذه الأسرة هي التي اشترى جدها راشد الدريبي موضع بريدة من ابن هذال، شيخ العمارات من عنزة، عام ٩٨٥هـ تقريباً)).
وماذكره أمين الريحاني في كتابه تاريخ نجد وملحقاته: ((بريدة كانت في الماضي ماء لآل هذال من شيوخ عنزه، فاشتراها منهم سنة ٩٨٥هـ راشد الدريبي العنقري التميمي من آل عليان، ثم عمرها ومن معه من عشيرته، واستمرت رئاستهم فيها حتى آخر القرن الثالث عشر للهجرة)).
وماذكره الشيخ حمد الحقيل في كتابه كنز الأنساب: ((ان بريدة كانت ماء لآل هذال من شيوخ عنزه اشتراها منهم راشد الدريبي من آل عليان من تميم في حدود عام ٩٨٥هـ)).
وماذكره كذلك الشيخ عبدالله البسام في كتابه علماء نجد خلال ثلاث قرون، والمؤرخ محمد بن عثمان القاضي في كتابه روضة الناضرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين، والمؤرخ خير الدين الزركلي في كتابه شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز، والمؤرخ عبدالله بن صالح العثيمين ، والأستاذ الدكتور محمد بن عبدالله السلمان في كتابه تاريخ الأحوال السياسية في القصيم. وماذكر في كتاب نجد قبل الوهابية للدكتور عويضة بن متيريك الجهني، وكتاب تاريخ البلدان النجدية للوهيبي، وكتاب تاريخ نشأة مدن وقرى نجد ومعاني أسمائها للشعيبي، وكتاب حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لحسين خزعل، وكتاب بريدة لابراهيم المعارك، وكتاب مسافات في ذاكرة رجل من بريدة للنقيدان، وكتاب سيرة آل هذال شيوخ قبيلة عنزة للشيخ احمد العامري الناصري وغيرهم الكثير والكثير.
كتبه د. عبدالرحمن عبدالله الحسون آل أبو عليان