من القصص التي حفظتها الذاكرة التاريخية عن الأمير حجيلان هي ما ذكرها منديل آل فهيد في كتابه من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية: (( انه وشي إلى الأمير حجيلان بن حمد برجل يلقب المحرب ادعي عليه انه يغازل النساء، وكان حجيلان يقدر ذلك الرجل لفرط شجاعته إلا أنه لابد من القيام بواجب الإمارة، فدعاه وأسر إليه بالأمر وأشعره في نفس الأمر بتقديره ومحبته إلا أنه لا يرضى بما لا ينبغي واقترح عليه بأن يمده بمطية وجهازها وزاد سفره على ان يغادر البلاد مع جماعات عقيل لطلب الرزق والمضاربة فإذا طالت المدة ونسيت الشبهه فلا بأس بالعودة. وهذا خير من المرافعة العلنية قبل المحرب اقتراح الأمير، فلما تجهز للرحيل جاء ليودع الأمير حجيلان فوجد المشتكين عنده، فقال المحرب: انما جئت لأودعك أيها الأمير واحب ان اسمعك أبياتاً، ثم تلا عليه هذه الأبيات:
ذي ديرتي مانيب فيها فداوي ولا رجيت من الحسا كسوة العيد
دونه نخلط الدرج هو والشفاوي من دونها ما اطيع عمروا ولا زيد
افعالنا صارت حكايا قهاوي وافعالهم شربوا عليها المقاصيد
يا أمير هذا من كبار البلاوي اللي عصير عندكم مثل ابا زيد
وكذلك سبق وان تعرض الأمير حجيلان خلال فترة حكمه للقصيم لعدد من الحملات والهجمات العسكرية الشرسة والحصار الطويل لإقتحام السور الشهير الذي بناه وقلعة بريدة المنيعة، وذلك بسبب تحالفه وولائه الشديد للدولة السعودية، وتبنيه ومناصرته لدعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب. ومن اشهر تلك الحملات حملة حاكم الأحساء سعدون بن عريعر في سنة ١١٩٦هـ (سنة ذبحة المطاوعة) والتي استمرت لمدة خمسة أشهر، فبرزت من خلالها شجاعته وفطنته وعظمة شخصيته رحمه الله في الثبات والصبر في حماية بريدة وأهلها من الهلاك وكذلك حماية شيخ القصيم ومعلم التوحيد الأول عبدالعزيز بن سويلم من القتل، وقد سطر هذه الحادثة كبار المؤرخون والعلماء النجديون في كتبهم كالعلامة حسين ابن غنام أحد أشهر تلامذة الإمام محمد بن عبدالوهاب٬ وكذلك المؤرخ والأديب العلامة عثمان ابن بشر الذي عاصر الدولة السعودية الأولى والثانية ودون أحداثهما وقال: ((كان رئيس بريدة يومئذ والمقوم لهذا الحرب والثابت في هذا الضرب والكرب، حجيلان بن حمد من رؤساء آل أبي عليان)). وقد قال الأمير حجيلان في هذا الحصار قصيدة ووجهها إلى سعدون بن عريعر:
الأقدار يرمن الفتى بالجهاير وكلٍ إلى ما قدر الله صاير
فلو زانت الدنيا ليالٍ فنكرها كثير وترمي بالخطا والخطاير
فرد النبا يا طارشٍ قد لفت به من الهجن وجناً من بعيد المساير
لقيدوم هباس المناعير باللقا وحمال بالضيقات عنها الكباير
حرٍ فهو مقدم ظعن كل قبيله منا الضيف في غبر السنين العساير
حليف الندى سعدون بن محمد حريب الردى يوم احتمال الجراير
ابا اسئلك بالله العظيم الذي بنا بيتٍ تجيه اكبارها والصغاير
وش الذي تبغيه منا ترى الولي الى علت يا زبن المراميل غاير
لك الخير مبسوطٍ على جاهد الوطا ومن لا يراعي الله بالغدر جاير
ترى نجد يا عيد المراميل ما بها من الفضل الا ما يضيف الخطاير
وخالقك لو نلنا احذاها معيشه صبرنا ولو سقنا اكبار الخساير
فكم ليلةٍ بتنا مقاوا وجودنا للاضياف والعاني ندور الستاير
انقاسي بها من سو كل قبيله ونمرح بسوٍ بين شورٍ وشاير
وغادي ومنحاشٍ وطمعٍ وخايف وصوعٍ ومصيوعٍ من السو ناير
وبالصبح نفجا الضد منا بغاره تخلا بها جرد السبايا عقاير
كم واحدٍ منا شجاعٍ مجرب يخلا على البيدا ولا هوب ثاير
وكم قايد أضعان رميناه والقنا الى حقت الضيقات يدعى كساير
وياما ذبحنا من مقادم قبيله الى درهمن الزمل والعقل طاير
الله بحق ايات عما ويوسف انه يجنبنا جميع النكاير
ويدفع عنا كل سوٍ تريده يا مزبن الجيران معطي البداير
حنا فلا نجفاك وانت جفيتنا بلا سبب منا على الناس صاير
وطاوعت فينا كل كلبٍ امبلل كويناه من حر الضنا بالحظاير
لا عاد شحاذ ٍويبدي صداقه وهو والولي يدي عليك البشاير
ليتك اتميز يا ذوي الجود والثنا ومن له بزينات المعالي ذخاير
لما كان تجفانا وتبدي صداقة لمن هو عدوٍ في عطاياك باير
وحنا هل الفعل الذي تكره العدى وندقم شبات الضد الى ابدا النكاير
وصبارتٍ بالحرب لو طال هجرته وللضيف ريفٍ في السنين العساير
وصلو على خير البرايا محمد عدد ما لعى القمري وما طار طاير
وللأمير محمد بن علي العرفج آل أبوعليان قصائد عديدة وأشعار خالدة وهو من أشهر أمراء آل أبو عليًان في غير الإمارة فهو شاعر كبير، بل هو فحل من فحول الشعراء، وتعتبر قصائده من المعلقات النبطية، ولقبه أبوزيد، جهبذ من نوادر الرجال في الشجاعة والكرم، ويتمتع بشهرة كبيرة في جزيرة العرب، واحترام كبير من قبل معاصريه والعارفين به،وقد خلد في قصيدة له دور آل أبو عليان التاريخي والمعروف لدى لقريب والبعيد في تشميخ ونهضة وعز بريدة فقال:
دارنا وبها ندلل جارنا قالها من قالها وحش وهيم
هي شرفنا وأصلنا هي عزنا مرجلة رجالنا لو هو ذميم
دارنا وجدودنا من قبلنا رسموها وشمخوها من قديم
كم تعشوا دونها روس قوم وادعوا البلدان لعيونه هديم
قال عنه عدوان الهربيد في قصيدته الشهيرة التي عدد ومدح بها الأمراء والفرسان والشعراء الفحول في الجزيرة العربية:
وجمل وابن حثلين والفغم وفهيد وعنتر ليا ما عادل الشيل مالي
ورميزان هو و العرفجي ذاك ابو زيد وساجر بيوم الحرب راعي الفعالي
وأشار الشاعر أبو جري إلى الأمير محمد العرفج في قصيدته التي بعثها إلى جزاع بن عجل من شيوخ شمر قائلاً:
ياجري دن لي القلم كان تشفـين قلبي على قرب الاجاويد عاوي
هات الدواة وهات لي من يحـاكـين ما دام بالي للتماثيل ناوي
نقول قولٍ للشيوخ القديمـين بريك هو و العرفجي والفراوي
وقد وصف الشاعر عبد الله بن حمود بن سبيل كرمه وقال:
من يوم جيت بجال ابو زيد نزال أكرم وقام بواجبي من حلاله
هلا ورحب وارتحب حيد الأبطال وعجز حظي لا يرد الجماله
رزيت له بيضا على راس ما طال وعللت ربعي بالعلا من خصاله
طير الظفر فرز البيادق فنا المال بوزيد قنديل المحافل خياله
وقد مدحه الشاعر الكبير عبدالرحمن الربيعي بأبيات يقول فيها:
شعر النبط مأظن مثله مهر فيه الا ابن عرفج والقواضي يلادون
وقال فيه الشاعر المشهور غانم الغانم:
قد قال مخلد قولتي وابن عرفج كلٍ تذكر له رفيق ونسَّاج
وله قصيدة تعتبر من أجمل قصائد الشعر النبطي في الحنين إلى الأوطان، قالها عندما كان أميراً على الجوف:
آه و اعزاه لمن جفنه جفاه جرّ هدى النوم عن جلد الصريم
جاك عقلي و اجتهدت و قمت الوج اتقلب و اجتلد كني كصيم
آه لا واعبرتي واغربتي مثل عبرة يونس أو غربة تميم
وسبق ان أرسل له شاعر النبط الكبير محمد القاضي قصيدة صعبة القافية على سبيل المداعبة الشعرية، ومطلعها تقول:
البارحة يـوم المخاليق ظلّوا نيّام والهاجوس للقلب فاجا
أركبت ربعٍ فوق الانضا تعلوا عيرات يَطْـون موحشات الـزراجا
ففطن الأمير العرفج إلى صعوبة القافية، وأراد أن يثبت للقاضي موهبته الشعرية، وقدرته على تطويع الألفاظ، وحرص على أن يرد على هذه القصيدة في اللحظة ذاتها التي وصلته فيها إذ تذكر الرواية أن القصيدة وصلته وهو يعتلي ظهر فرسه كي يسافر، فلما قرأها طلب ورقة وقلما ورد عليها في الحال وقال:
حي الجواب وحي من عوسر اللو حيه عدد ما ساج باليم ساجا
أو عد ما هلت مزون وهلو أهل الصخا والجود بالضيف لا جا
ترحيب أحلى من حليب وتلو سكر نبات ذوب شاهي وكاجا
وازكى من العنبر مع اللي تغلو والذ من در البكار العساجا
ولمن اراد الاستزادة بقصائد وأشعار الأمير محمد العلي العرفج آل أبو عليان يجدها في كتاب محمد العلي العرفج حياته وشعره (ويحتوي على روائع من الشعر النبطي) لمؤلفه محمد بن عبدالعزيز بن عبدالكريم.
وقد خلد التاريخ كذلك قصائد قيلت في أمير القصيم عبدالعزيز آل محمد آل أبو عليان منها قصيدة عروس الشعر للشاعر عبد الله الحبيشي وقد قيلت في زمن الإمام عبدالله بن فيصل وذلك في حدود عام 1280هـ، يقول مادحاً الأمير عبدالعزيز المحمد:
عبدالعزيز الشيخ راعي بريدة ولد محمد ما يمد الزهيده
كل العذارى يامنيره تريده خوذي هوى نفسك شجاع ورجال
قالت: ونعمين، ولا به خلاف ولا اقول شيء بالشجاع السنافي
ياديب قلبي مبتلى بالعيافي اتبع هوى نفسي ولا اطيع من قال
وقد دون الرحالة ألبرت سوسين في كتابه ديوان الشعر النبطي قصيدة مدح قيلت في الأمير عبدالعزيز المحمد بعد انتصار حققه في غزوة غزاها على أحد ديار ابن رشيد:
هيهى ياراكبا حمراء قريع عليها الني من نبت العدام
من بريدة تعلوطها سريع وأربع الراس وخذ مني كلام
خصهم كلهم وأنخ الجميع من قصيبة إلى صبيان يام
جردوا مرهفات لها لميع والفرنجي وقولوا ياسلام
خل برقها ينوض بكل ريع وانت ياشيخنا ذروة سنام
بس ابيك لمطلوبي تطيع إلى ان أخلي حريبي ماينام
وذكر الراحله كذلك ألبرت سوسين أن الأمير عبدالعزيز آل محمد اجتمع لديه من الغنائم الشيء الكبير بعد انتصاره بمعركة غزاها على احد القبائل، عزل من هذه الغنائم ستمائه ناقة وعشرة من الخيل وبعثهن مع ولده عبد الله إلى الإمام ابن سعود في الدرعية، وتقول القصيدة في مدح الأمير عبدالعزيز آل أبو عليان:
نحمد المعبود ياحمود جياب المطر خير كل الملا ترتجي فضائله
تضرب البر على عبر مانذل من الخطر بأمر شيخ مقدام قد مضت فعايله
كلما عمين الارياء يفرها بالمفر ينقض المبروم ماتاه في دلائله
شيخ بن شيخ شجاع إلى منه شهر من ينشه بخلبه ركزت نصائله
من عصا القصمان مازبنه عنا البحر مايجي من غربته غير نفسه زائله
الهبيري يوم راسه يفوح من السكر إلى الحشر ماظنتي ترتحل رحاله